التشبه بالكفار في اللباس الشيخ محمد بن إبراهيم المصري


السؤال: بعض الناس يقولون: إن اللباس إذا انتشر في بلاد المسلمين فلا يعتبر لابسه متشبهًا بالكفار؟



الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.
 
أما بعد... فإن ملابس الكفار التي هي في الأصل مختصة بهم، وهي مظاهرهم التي يتميزون بها، وتصميماتها (وموديلاتها) لا تأتي إلا من عندهم، والناس كلهم يعلمون هذا حتى إنهم ما زالوا يسمون واحد هذه الأزياء بـ«الإفرنجي».
 
هذه الملابس إذا انتشرت في بلاد المسلمين، ولبسها كثيرون منهم تأثرًا بالكافرين -قصدوا أو لم يقصدوا-، وتقليدًا لهم، فإن هذا الانتشار لا يخرج اللبس لهذه الملابس عن كونه تشبهًا بالكفار.
 
أولًا: لأنه انتشر بسبب الكفار؛ إما:
 
1- لاحتلالهم البلاد بقواتهم العسكرية عشرات السنين؛ مثل: مصر، وبلاد الشام، والعراق، والمغرب، وغيرها، وانظر كيف كانت ألبسة الناس قبل الاحتلال وبعده،
 
2- أو للغزو الثقافي والاستعمار الفكري عن طريق التأثير والابتعاث الخارجي والاستشراق والاستغراب، ثم الرائي (التلفاز)، وأطباق الاستقبال (الدش)، والشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والوسائل الإلكترونية الحديثة، وغيرها.
 
ثانيًا: الكل مدرك أنه لبس الكفار الإفرنجة، ولهذا إذا تردد أحد بين نوعين من الملابس قيل: هذا كذا، وهذا إفرنجي، وهذا يعرفه ويردده حتى العوام وأجهل الجهال.
 
ثالثًا: أن الانتشار مهما اتسع فإنه والحمد لله لم يشمل الجميع، والعبرة بأهل الدين والاستقامة والعدالة والمروءة، لا بمن انخرم عنده كل ما سبق.
والحمد لله تعالى أهل السنة والحق والخير ما زالوا يحافظون على اللباس الذي يتميز به المسلمون.
 
رابعًا: لو قلنا بأن الانتشار مبطل لحكم ثبت سابقًا لكانت الأدلة الشرعية والأحكام معطلة بمجرد زعم انتشار ما دلت الأدلة على تحريمه، فسبحان الله العظيم.
 
خامسًا: قد عُلم سعي كثير من الكافرين لنشر -إن لم نقل: «فرض»- عقائدهم، وأفكارهم، وأيديولوجياتهم، وثقافاتهم، وشعاراتهم بين غيرهم من الأمم، وخصوصًا الأمم المنهزمة والمنسحقة لهؤلاء الكافرين، ومن هذا نشر مظاهرهم وملابسهم بين هؤلاء تمهيدًا لتحويلهم الكامل إلى ما هم عليه، ولهذا أمثلة واقعية كثيرة في القديم والحديث عند المسلمين وغيرهم.
 
• وفهمُ ما تقدم يجعل المسلم -حتى لو لم يعلم الأدلة الكثيرة في النهي عن التشبه بالكفار عمومًا، وعن التشبه بهم في اللباس خصوصًا- ينفر من مماثلة المشركين، والتشبه بهم في اللباس، ويحرص على التميز عنهم في اللباس، وسائر المظاهر؛ حفظًا للعقائد، والبواطن، والعبادات، والشعائر، فإن التشبه في الظاهر يورث مشابهة ومشاكلة في الباطن؛ كما بين أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم «اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم».
 
سادسًا: مخالفة المسلمين للكفار في مظاهرهم، وملابسهم، وهيئاتهم مطلب شرعي؛ كما هو معلوم عند أهل العلم، ولهذا كان الخلفاء الراشدون ومن بعدهم يلزمون أهل الذمة بزنار، وهيئة ظاهرة مميزة لهم عن المسلمين، وينهونهم عن التشبه بالمسلمين في عمائمهم، وملابسهم الخاصة بهم، وتفاصيل هذا مذكورة في كتب الفقه، ومشروحة بالتفصيل في مثل: «أحكام أهل الذمة».
 
سابعًا: أنه ما زالت كثير من البلاد والمدن والقرى الأصل فيها القميص العربي، واللباس الشرعي؛ كما يعرفه من زار الجزيرة العربية، ومنها: اليمن، وعمان، ودول الخليج، وكذلك باكستان، وأفغانستان، وكذلك من عرف وزار البوادي، والأرياف في مصر، والشام، والعراق، والسودان، والمغرب، وغيرها، وهؤلاء ما زالوا على الأصل الذي خرج عنه من قلد الكفار، أو قَلَّدَ من قَلَّدَ الكفار، أو قَلَّدَ من قَلَّدَ من قَلَّدَ الكفار.
 
ثامنًا: لو سألت أي مسلم في الدنيا كان أجداده مسلمين: كيف كان لباس جدك، أو والد جدك؟ فبأي شيء يجيبك؟
فهل يسوغ لصاحب عقل، ودين، وشهامة، ومروءة أن يظل منافحًا عن غلط وباطل يخالف به الدين، ويخرج عن سنن الحق الذي عرف عليه آباءه الأولين؟!!
 
وختامًا: راجع «رسالة في الحث على التشبه بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في زيه ولباسه».