من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ/ م. س. إ. س. وفقه الله لما فيه رضاه ونصر به دينه آمين.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد سرني كثيراً اعتناقك مذهب أهل السنة والجماعة وترك ما عليه المكارمة الإسماعيلية من البدع والأهواء المخالفة للشرع المطهر، فالحمد لله على ذلك، وأسأل الله أن يمنحك الثبات على الحق وأن يوفقك للفقه في دينه والثبات عليه وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، وقد سُررت كثيراً بزيارتك لنا في الطائف ليلة الأحد 14/1/1419هـ، وقد أخبرتك بأن الواجب على كل مسلم هو التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من دين الله وإخلاص العبادة له والثبات على ذلك والدعوة إليه وهو الدين الحق الذي درج عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة إلى يومنا هذا، وخلاصة ذلك هي الإيـمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإخلاص العبادة لله وحده دون ما سواه والحذر من كل ما يخالف شرع الله، كما قال الله عز وجل آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الناس: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[1]، وقال عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[2]، وقال سبحانه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[3]، وأمر عباده سبحانه في سورة الفاتحة أن يسألوه الهداية إلى هذا الصراط المستقيم، وأخبر سبحانه في سورة الشورى أنه نبيه صلى الله عليه وسلم يهدي إليه هداية البلاغ والبيان فقال سبحانه: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[4]، وقال عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[5].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم))[6]. وقال عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))[7].
والخلفاء الراشدون هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد أجبنا على أسئلتك التي سألت عنها في رسالة مختصرة قد طُبعت منذ سنوات، وهي إليك برفق هذه الرسالة لتطلع عليها وتقرأها على من شئت لعل الله يهدي بها من خالف السنة ويجعلك من أسباب هدايتهم، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر: ((ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم))[8] متفق على صحته، وأسأل الله عز وجل أن يجعلك مباركاً وأن يجعلك هادياً مهدياً وأن ينفع بك إخوانك المسلمين وأن يثبتنا وإياك على الهدى إنه جواد كريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
-----------------------------------------------------
[1] سورة آل عمران، الآية 31.
[2] سورة يوسف، الآية 108.
[3] سورة الأنعام، الآية 153.
[4] سورة الشورى، الآية 52.
[5] سورة التوبة، الآية 100.
[6] أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد برقم 2652، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله عنهم ثم الذين يلونهم برقم 2533.
[7] أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين برقم 42.
[8] أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي برقم 3701، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 2406.