حكم بيع البيوت والأراضي لليهود والنصارى الشيخ محمد بن إبراهيم المصري


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدى والدي عقار من عدة طوابق قام بعرضه للبيع؛ فتقدم لشراء طابق من العقار نصراني، فهل يجوز تمليكه شيء من العقار؟ وهل هناك فرق إذا كان تمليك طابق العقار يضمن تمليك نسبة من الأرض أو بدون؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا...



بعد عرض السؤال على أبي علي محمد بن إبراهيم -حفظه الله تعالى -أجاب:
 
 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، رسول الله محمد وعلى آله وصحبه.
 
أما بعد؛
 
فلا يجوز بيع شيء من بيوت المسلمين -حتى لو كان طابقا واحدا أو جزءا من طابق -ولا من أراضيهم لليهود والنصارى أو غيرهم من الكفار، ولا يجوز تمكينهم من الاستيلاء على ما صار للمسلمين فيه حق، قال الإمام الخلاّل-رحمه اللهتعالى -في «الجامع»: (باب الرّجل يؤاجر داره للذمّيّ أو يبيعها منه)، ثمّ ذكر عن المروذي أنّ أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد بن حنبل - سئل عن رجل باع داره من ذمي وفيها محاريب، فاستعظم ذلك، وقال: «نصراني؟! لا تباع، يضرب فيها الناقوس وينصب فيها الصلبان»، وقال: «لا تباع من الكافر»، وشدّد في ذلك.
 
وعن أبي الحارث أنّ أبا عبد الله سئل عن الرّجل يبيع داره وقد جاءه نصراني فأرغبه وزاده في ثمن الدّار، ترى أن يبيع منه وهو نصراني أو يهودي أو مجوسي؟ قال: «لا أرى له ذلك، يبيع داره من كافر يكفر فيها؟ يبيعها من مسلم أحبّ إليّ».
 
فهذا نصّ على المنع.
 
قال الإمام الطبري-رحمه اللهتعالى -في «تهذيب الآثار»: «فالواجب على إمام المسلمين إذا أقرّ بعض أهل الكتاب من اليهود والنصارى في بعض بلاد الإسلام لحاجة بأهل تلك البلاد إليهم، إما لعمران أرضهم وفلاحتها، وإما لغير ذلك من الأسباب التي لا غنى بهم عنها، ألا يدعهم في مصرهم أكثر من ثلاث، وأن يسكنهم خارجا من مصرهم ما دامت بهم إليهم ضرورة حاجة، وأن يمنعهم من اتّخاذ الدور والمساكن في أمصارهم، وإن اشترى منهم مشتر في مصر من أمصار المسلمين دارا، وابتنى به مسكنا، فالواجب على إمام المسلمين بيعها، كما يجب عليه لو اشترى مملوكا مسلما من مماليك المسلمين أن يأخذه ببيعه، لأنّه ليس للمسلمين إقرار مسلم في ملك كافر، فكذلك غير جائز إقرار أرض المسلمين في ملكهم».
 
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى -في «أحكام أهل الذّمّة»: «وحقيقة الأمر أن الكفار ممنوعون من الاستيلاء على ما ثبت للمسلمين فيه حق من عقار أو رقيق أو زوجة مسلمة أو إحياء موات أو تملك بشفعة من مسلم، لأن مقصود الدعوة أن تكون كلمة الله هي العليا، وإنما أقروا بالجزية للضرورة العارضة، والحكم المقيد بالضرورة مقدر بقدرها، ولهذا لم يثبت عن واحد من السلف لهم حق شفعة على مسلم، وأخذ بذلك الإمام أحمد، وهي من مفرداته التي برز بها على الثلاثة، لأن الشقص يملكه المسلم إذا أوجبنا فيه شفعة لذمي كنا قد أوجبنا على المسلم أن ينقل الملك في عقاره إلى كافر بطريق القهر للمسلم، وهذا خلاف الأصول».
 
وأصل هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى -في «اقتضاء الصراط المستقيم».
 
ينبغي أن يُعلم أن بيع الأراضي والبيوت للكفرة فيه تمكين ومساعدة لهم وتقوية لشوكتهم -لاسيما في هذه الأيام وفي مثل بلادنا خصوصاً -.
 
اللهم لا تجعلنا من الخائنين

وأعذنا من خيانة الإسلام والمسلمين