حقيقة الصراع مع الكفرة الأوباش نصارى الأحباش الشيخ محمد بن إبراهيم المصري
بسم الله الرحمن الرحيم
«الحمد لله الذي امْتَنَّ على عباده المؤمنين ببعثة الرسولِ الصادقِ الأمين، فأخرجهم به من ظلماتِ الكفرِ والجهلِ إلى نور الإيمانِ والعلمِ واليقين، وأخبرهم على لسانه بما كان وما يكون إلى يوم الدين، وأخبرهم عن الدار الآخرة بأكمل إيضاحٍ وأعظم تَبْيِين، فمن آمن به، وبما جاء به فهو من المفلحين، ومن كان في رَيْبٍ مما صَحَّ عنه فهو من الخاسرين.
أحمده سبحانه حمدَ أوليائِه المتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، الملكِ الحقِّ المبين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه؛ الذي ترك أمته على المنهج الواضح المستبين، صلى الله عليه وعلى آلِه، وأصحابِه، ومن تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، وسلَّم تسليما كثيرًا»(1).
أما بعد... فإن المسلمين -في العالم عمومًا، وفي مصر خصوصًا- ينبغي أن يعلموا أن النَّصَارى الأَحْبَاش مجرمون، متعصبون، حاقدون على الإسلام، والمسلمين، ولا يَأْلُونَ جهدًا، ولا يَدَّخِرُونَ وسْعًا في الكَيد للإسلام والمسلمين، وهذا ليس شيئًا جديدًا، بل هو أمرٌ قديمٌ استمر عبر القرون إلى يومنا هذا.
- قال التَّقِيُّ المقريزي(2) في «الإلمام بأخبار مَن بأرض الحبشة مِن ملوكِ الإسلام»(3) (ص/9):
«والحَبَشَةُ قومٌ يَدِينُونَ بالنصرانيةِ مِن قديم، ويعتقدون مذهبَ الْيَعْقُوبِيَّة(4)، وهم يتشددون في ديانتِهم تَشَدُّدًا زائِدًا، وَيُعَادُونَ مَن خالفهم مِن سائرِ المِلَلِ أشدَّ عداوة، ويُعَادُونَ الطائفةَ الملكية(5)مِن النصارى؛ بحيث أخبرني مَنْ دخل مِنهم إلى بلادِ الحبشة: أنه أظهر بها أنه يَعْقُوبِيّ؛ خوفًا مِن القتل لو عَلِموا أنه مَلَكِيّ»(6).
قال المقرِيزيُّ(7) -ذَاكرًا أحدَ ملوكِ الحبشةِ النصارى-(8):
«وقَدِمَ عليه أيضًا من قِبطِ مصرَ نصرانيٌّ يعقوبيّ(9) يُعرف بفَخْر الدولة، فرتب له المملكة، وجَبَى له الأموال، فصار مَلِكًا له سلطانٌ، وديوان، بعد ما كانت مملكتُه، ومملكةُ آبائِه همجا، لا ديوان لها، ولا ترتيب، ولا قانون؛ فانْضَبَطَتْ عنده الأمور، وتَمَيَّزَ زِيُّهُ عن رعيتِه بالملابسِ الفاخرةِ، بعدما كان داود بن سيف أرعد(10) يخرج عُرْيَانًا، وقد عصب رأسَه بعصابةٍ خضراءَ، فصار إسحاقُ يمرُّ فِي موكبٍ جَلِيلٍ بِشَارَةِ المُلْكِ، حتى لقد أخبرني من رآه وهو راكبٌ فَرَسَه، وقد مَرَّ في موكبِه، وبيدِه اليُمْنَى صليبٌ مِن ياقوت أحمر، قد قَبَضَ عليه بِكَفِّهِ، ووضَعَهَا على فَخِذِهِ، وطَرَفَا الصليبِ بارزتان عن يَدِهِ بروزًا كثيرًا.
فلما تَحَضَّرَتْ دولتُه، وقَوِيَت شوكتُه وَسْوَسَتْ إليه شياطينُه(11) أن يأخذَ مَمَاَلِكَ الإسلامِ، فأوقع بمن تحت يده في ممالك الحبشة(12) مِن المسلمين وقائعَ شنيعةً طويلةً قَتل فيها، وسَبى، واسْتَرَق عالمًا لا يُحصيه إلا خالقه سبحانه(13) وَزَالَتْ دولةُ المسلمين مِن هناك كما يأتي ذِكْرُه إن شاء الله تعالى، ثم كتب إلى ملوكِ الْإِفْرنج(14)؛ يحثُّهم على مُلَاقَاته لِإِزَالِة دولةِ الإسلام(15)، وواعدهم على ذلك، وأخذ في تمهيد ما بينه وبين البلاد الإسلامية، واستجلابِ العُربانِ إليه، فَعَاجَلَهُ الله تعالى بِنِقْمَتِه، وأهْلَكَه عَقِيبَ ذلك في ذي القعدة، سنةَ ثلاث وثلاثين وثماني مائة.
وسلط على أمحرة(16) الملكَ(17) جمالَ الدين بن سعد الدين، فأوقع بهم وقائع، وأفنى منهم أممًا، وأَسَرَ منهم عَوَالمَ ملأتْ أقطار الأرض؛ يَمَنًا، وَهِنْدًا، وحِجازًا، ومِصْرًا، وشامًا، وَرُومًا».(18)
هذا مثال، والتاريخ الطويل مِن صراع المسلمين في مصر، وشرق أفريقيا مع نصارى الحبشة مَلِيءٌ بأمثلةٍ كثيرةٍ.
قال الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: ٢١٧]
----------------------------------------------------
(1) «إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة» (1/ 5) للشيخ العلَّامة حُمُود التُّوَيْجري -رحمه الله تعالى-.
(2) المتوفَّى سنة (845) –رحمه الله تعالى-.
(3) والذي قال في أوله (ص/ 8): «الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله، وصحبه أجمعين، (وبعد)؛ فهذه جملةٌ مِن أخبارِ الطائفةِ القائمةِ بالملَّةِ الإسلامية ببلاد الحبشة، المجاهدين في سبيل من كَفَرَ به، وصَدَّ عن سبيلِه، تَلَقَّيْتُهَا بمكةَ شَرَّفَهَا الله تعالى أيام مجاورتي بها، في سنة تسعٍ وثلاثين وثمانمئة من العارفين بأخبارهم، والله أسألُهُ التَّوْفِيقَ إلى سواءِ الطريق بِمَنِّهِ، وكَرَمِهِ».
(4) أي: الْأرْثُوذُكْسِيَّة.
(5) أي: الْكَاثُولِيك.
(6) فليَتَأَمَّل مُعَيِّرُو المسلمين بداعش؛ هذا مَسْلَكُ الأحباشِ الأرثوذكس مع الكاثوليك، فماذا يصنعون مع المسلمين؟
(7) في: «الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام» (ط. مطبعة التأليف بمصر سنة 1895 نصراني) (ص/ 10، 11).
(8) وهو: داودُ بنُ إسحاقَ بنِ سيف أرعد، تَوَلَّى بعدَ سنةِ اثنتي عشرة وثمانمائة للهجرة.
(9) أي: أرثوذكسي، وقد كانت النصارى الأحباش مرتبطين بالكنيسة المصرية ارتباطًا رسميًّا، وخاضعين لها حتى وقتٍ قريبٍ، وفي هذا قال المقريزي (ص/ 9): «ولابد للحبشة مِن مطران يُوَلِّيه بطريقُ النصارى اليَعَاقِبَة بمصرَ، بعدَ سُؤالِ الحطى لسطانِ مصرَ في ذلك بكتابٍ يَبْعَثُه مع مُرْسلِه صُحْبَةَ هدية، فيَتَقَدَّم البطريقُ بِتَعْيِينِ مطران لهم».
وبيانُ علاقة نصارى الحبشة مع نصارى مصر على مر الْأَعْصُر، وإلى الآن تحتاج بيانًا، وبحثًا مستقلًّا.
(تنبيه):الحطى معناه بالعربية: السلطان؛ كما نبه المقريزي (ص/8).
(10) وهو: أبو إسحاق المذكور، لعنة الله على عُبَّادِ الصليبِ أجمعين.
(11) وما زالت الشياطينُ تُوَسْوِسُ لنصارى الحبشةِ الشرَّ، والسوءَ تجاه المسلمين، ومن آخرِ هذا بناءُ سَدِّ النهضة، وحملات القمع، والقتل للأروميين المسلمين في بلاد الحبشة.
(12) وما زال الأحباشُ النصارى يتسلطون بالسوء، والقمعِ، والتقتيل، والسجنِ للمسلمين في الصومال، وأوغادين، وأوروميا، وهرر، وغيرها من أقاليم، ومدن الحبشة الإسلامية المحتلة، مع العلم أن نسبة المسلمين فيما يعرف الآن بـ«إثيوبيا» أكبرُ من نسبة النصارى، وأما في «إريتريا» فالأمر أوضح بكثير، ومع هذا يتسلط النصارى فيها على المسلمين تسلطًا عظيمًا، سيئًا جدًّا.
(13) فهل كان هذا النصراني الحاقدُ المجرمُ منطلقًا مِن الإسلام، أو متأثرًا بابنِ تيمية؛ كما يدَّعِي أذنابُ اليهودِ أنَّ الإرهابَ، والسوءَ، والعنفَ مصدرُه الإسلامُ، وابنُ تيمية، وابنُ عبدِ الوهاب.
(14) كما يفعل الأحباش النصارى الآن مع الغرب الأوروبي الأمريكي والكيان اليهودي –دمر الله على الجميع-.
(15) يعني: في بلادِ الحبشةِ، فِي شرقِ أفريقيا.
(16) أي: على النصارى الأحباش الأمهريين.
(17) المسلم.
(18) ونسألُ الله أن يصلح المسلمين؛ حكَّامًا، ومحكومين، وأن يَقْمَعَ الكفارَ، ويَهْزِمَهُم، ويُبْطِل كيدَهم؛ إنه على كلِّ شيءٍ قدير.