حكم غسل الجمعة بالليل الشيخ محمد بن إبراهيم المصري
السؤال: هل يمكن أن أغتسل للجمعة ليلة الخميس؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ».
وفي الصحيحين أيضاً عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «الغُسْلُ يَوْمُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ».
كذلك في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ، فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا».
وفي الصحيحين من حديثها -رضي الله عنها- أيضاً، قالت: كَانَ النَّاسُ أَهْلَ عَمَلٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُفَاةٌ، فَكَانُوا يَكُونُ لَهُمْ تَفَلٌ، فَقِيلَ لَهُمْ: «لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» واللفظ لمسلم.
وهذه الأخبار وغيرها تدل على أن الغسل مشروع يوم الجمعة لإتيان الجمعة وليس ليلة الجمعة، ولا خلاف في مشروعية هذا الغسل والأمر به، وإن اختلف في كون الأمر على الوجوب أو على الاستحباب.
لكن لا إشكال في أنه مأمور به يوم الجمعة وليس ليلة الجمعة -التي عبر عنها السائل وفقه الله تعالى خطأ بليلة الخميس-.
بل الأصل أن يكون غسله قبل مضيه إلى المسجد لصلاة الجمعة مباشرة؛ بل عند بعض الفقهاء أن هذا هو الغسل المعتبر للجمعة، فإذا لم يتصل الغسل بالرواح إلى الجمعة لم يعتبر غسلاً للجمعة.
لذا قال ابن مفلح -رحمه الله تعالى- مثلاً في «الفروع» في «باب صلاة الجمعة» (1/ 105):
«(فصل) يسن الغسل لها؛ أحدث بعده أو لا، ولو لم يتصل غسله بالرواح (م) وأفضله عند مضيه ...».
وقال في «باب الغسل» (1/ 15):
«(فصل) يستحب الغسل للجمعة (و) في يومها لحاضرها إن صلى إلا لامرأة، وقيل: ولها (وش) وعنه يجب على من تلزمه، ولا يشترط».
