تآمر الكافرين وغفلة المسلمين وعمالة المنافقين الشيخ محمد بن إبراهيم المصري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمـد لله رب العالمين، الرحمـن الرحيم، مـالـك يـوم الدين، والصلاة والسـلام على خاتم النبيين رسول الله محمد خير الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعد...
فإن كثيرا من العلمانيين المتعالمين ما زالوا يرددون أنهم لا يؤمنون بنظرية المؤامرة! أي أنهم لا يؤمنون بوجود مؤامرة كفرية عالمية على الأمة الإسلامية.(1)
ومن قرأ القرآن الكريم وآمن به تبين له كذبهم وجهلهم.
ومن أدرك الواقع أدنى إدراك يعلم حمقهم وغباءهم، أو خبثهم وعمالتهم للكفرة(2).
قال الله تعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١٢٠].
وقال تعالى عن اليهود: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)} [المائدة].
وآيات كثيرة تدل على أن الكفار لاسيما اليهود والنصارى كانوا ولا زالوا يتآمرون على الإسلام والمسلمين، وأنهم يودون كفر المسلمين.
فإذا قوي المسلمون وتمسكوا بدينهم الحق دفعوهم وهزموهم وقهروهم.
وإذا خالف المسلمون كتاب ربهم وسنة نبيهم «سَلَّطَ الله عَلَيْهِمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ عَنْهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى دِينِهِمْ».
فرأينا الحملات الصليبية، والاكتساحات المغولية، والهجمات الاستخرابية التي سموها استعمارية، والتي كادت في نهاية القرن التاسع عشـر، وبداية القرن العشرين (بالتاريخ النصراني) تسيطر على كل بلاد المسلمين في الشرق والغرب.
وشهد شاهد منهم(3):
قال الكاتب اللبناني النصراني! سمير عطا الله في أحد مقالاته اليومية المنشورة في عموده! الدائم!! في جريدة «الشرق الأوسط»(4)!!:
«نشأنا في المشرق العربي على أن الاستعمار هو بريطانيا وفرنسا. امبراطوريتان امتد حكمهما أو سلطتهما على مصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والمغرب والجزائر، وجزء كبير من الخليج العربي وفي كل هذه المناطق تركا لغتهما وشيئا من ثقافاتهما.
بالنسبة إلى ليبيا، لم يكن الاستعمار فرنسيا أو بريطانيا، لكن الفاشية الإيطالية قتلت ثلثي السكان.
الاستعمارات القديمة التي لم يعد أحد يأتي على ذكرها(5)، والتي أصبحت دولا عادية مثل بلجيكا وإسبانيا وهولندا، كانت الأكثر وحشية.
ليوبولد، ملك بلجيكا، أودى بحياة عشرة ملايين إنسان في الكونغو، وطلب من البريطانيين أن يكلفوه تصفية المزيد في مستعمراتهم. ومن جملة ما طلب من «مناقصات»: أن يعطى كل ما هو جنوب الخرطوم (راجع وليم بولك «الصليبية والجهاد»). وقد رفض البريطانيون طلبه، ليس من قبيل الرأفة، بل لأنه يتعارض مع استراتيجيتهم في أفريقيا.
ماذا كان اسم الهيئة التي عينها ليوبولد للإشراف على تنفيذ سياسته الأفريقية؟ كان بكل بساطة هكذا: «الجمعية الكونغولية للاستعمار والاستغلال»! تقدم ليوبولد بطلب مماثل إلى الإيطاليين في إريتريا، ومن حسن حظ البلد أنهم رفضوا، وإلا لكان حجم الوحشيات والإبادات مضاعفا.
الهولنديون أبادوا نحو نصف مليون إندونيسي في حرب الاستقلال. ويكفي أن تقرأ روايات ليو تولستوي لتعرف ماذا فعل الروس(6) في اجتياحاتهم الآسيوية؟» انتهى.
هذه إشارة إلى شيء من وحشية وإرهاب وفظائع النصارى.
وفلسطين وما حولها كانت ولا زالت شاهدة على وحشية وإرهاب وفظائع اليهود.
ثم لا تجد أولئك المرتدين والمنافقين والكفرة العلمانيين يتكلمون إلا عن إرهاب وجهاد المسلمين، ويخلطون الحق بالباطل ويشوهون الدين،{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} [الشعراء].
(1) وقابلهم آخرون زعموا أن المؤامرة هي المشكلة وأن المسلمين لا بأس بهم، ولا يكاد يوجد في المسلمين شر أو فساد اعتقادي ومنهجي!! وإن قبلوا بوجود الشر ربما حصروه في فساد الأخلاق الظاهرة ونحوها.
والحق أن المؤامرة الكفرية موجودة وعظيمة منذ وُجد الإسلام وظهر ودُعي إليه، لكن إذا تمسك المسلمون بالحق والإيمان، بالكتاب والسنة؛ فشلت المؤامرة، وإذا خالفوا وعصوا وانخذلوا؛ نجحت، وتمكن الكفار منهم بحسب ما عندهم من ضعف وفساد وبعد عن الحق. (ولا تزال طائفة)
قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: ٤].
(2) ولهذا اضطر بعض العلمانيين إلى الإقرار بوجود مؤامرة بشكل أو بآخر.
(3) وشهادات كثير من الكفار على جرائمهم في القديم والحديث أكثر من أن تُحصر، لكنه عـمـى البصيرة، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج].
(4) بتاريخ: 27/ 12/ 1439، عدد (14528).
(5) والمسلمون لا ينبغي لهم نسيان هذا، ولا يجوز لهم تضييع الولاء والبراء.
(6) وجرائم الروس اليومية الآن في سوريا تدوينها يملأ مجلدات -دمر الله عليهم وعلى أوليائهم أجمعين-.
(7) وهـو الشيخ إسحـاق بـن عبد الرحمن بـن حسن بـن محمد بـن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في أرجوزته في التوحيد (ص/ 29).