التحذير من التساهل في شأن أطباء ومستشفيات النصارى الشيخ محمد بن إبراهيم المصري


بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين؛ رسول الله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
أما بعد ...
 
فقد سئل الدكتور!! قيس بن محمد آل الشيخ مبارك أستاذ الفقه المقارن بجامعة الملك فيصل بالأحساء، وعضو هيئة كبار العلماء بالسعودية السؤال التالي:
 
السؤال: أنا رجل عندي مرض القولون، ونزيف في الأمعاء، وحالتي المادية صعبة، والعلاج في هذ البلد غالي، فهل يجوز أن أذهب أنا وزوجتي إلى مستشفى تدعمه الكنيسة، أو جمعية من الكنيسة؟
 
فقال:
«الجواب وبالله التوفيق: وما الحرج في ذلك، لا إشكال في قبول المعالجة من جهة غير مسلمة». انتهى جوابه؛ كما في كتابه «من فتاوى العصر» (ص/ 157).
 
وأقول تعليقًا على هذا الجواب:
 
أولًا: نسأل الله تعالى أن يشفينا، ويشفي جميع المسلمين من أمراض القلوب، وأمراض الأبدان، وأن يغنيهم عن جميع الكافرين، وأن يثبت في قلوبهم الولاء لله سبحانه، ولرسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وللمؤمنين، والبراء من الكفر والشرك، وجميع الكفرة المشركين.
 
ثانيًا: على المسلمين المقيمين في بلاد الكفار أن يهاجروا منها إلى بلاد المسلمين؛ فإن في إقامتهم تلك -لاسيما إن كانت دائمة- خطرًا عظيمًا على أديانهم، وأديان أبنائهم، وقد جاء في الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ المُشْرِكِينَ»، و «مَنْ جَامَعَ المُشْرِكَ، وَسَكَنَ مَعَهُ؛ فَهُوَ مِثْلُهُ».
 
ثالثًا: لابد فيمن يتصدر لإفتاء الناس أن يكون صحيح الاعتقاد والنهج، ذا معرفة صحيحة بالاعتقاد الحق المأخوذ من القرآن والسنة الصحيحة، (لا أن يكون أشعريًّا، أو صوفيًّا، أو متأثرًا ببعض أو كثير من ضلالهم)، (ومن ضلالات عمومهم في هذه الأزمان: التساهل مع الكفار، بل موالاتهم والانبطاح لهم؛ كما هو مشاهد مرئي في مصر وغيرها)، أن يأنوأن يكون عارفًا بالفقه وأدلته، عارفًا بالواقع وما يتعلق بموضوع السؤال.
 
رابعًا: ما زال النصارى أكثر الكفار في العالم استغلالًا للطب، وحاجة الناس للعلاج والتداوي في نشر النصرانية، وتقريب الناس إليها، أو تحبيب الناس فيها، وفي أهلها على الأقل.
  • ولهذا كانوا ولا زالوا يرسلون الكثير من الإرساليات الطبية التنصيرية، ويشيدون كثيرًا من المستشفيات، والمستوصفات لهذه الأغراض وما يتعلق بها، وتاريخهم في هذا طويل، وصنفت في هذا الباب مصنفات عديدة.
  • وكان من هؤلاء النصارى أيضًا أيامَ الحملات الصليبية: «الاسبتارية»، أو «الهوسبيتاليون» نسبة إلى (Hospital) أي: المستشفى، والذين صاروا يعرفون وإلى يومنا هذا بـ«فرسان القديس يوحنا»، أو «فرسان مالطة»، وصار لها -تحت ستار الأعمال الحسنة!!- انتشار وأعمال خبيثة، وسفارات في كثير من دول العالم، ومنها للأسف دول عربية وإسلامية.
  • فاستغلال النصارى للطب في التنصير، ونصر الكفر: أمر لا يخفى.

خامسًا: قوله: «وما الحرج في ذلك؟! استفهام واستغراب واستنكار لا يصدر إلا عمن لا يدري أي شيء مما سبق، ومن لا يتذكر ما جاء في القرآن حول النصارى، وسائر الكفرة.
 
قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ الله ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ (33)} [التوبة].

 

سادسًا: قوله: «لا إشكال في قبول المعالجة من جهة غير مسلمة»: أهم شرط لصحة هذا التقرير: سلامة الدين، والأمن من مكر الكافرين، لاسيما والسائل لم يصل إلى مرحلة اضطرار، وقد عرفنا كثيرًا من أطباء النصارى في هذا الزمان يَقْتُلُون، أو يَسْحَرُون، أو يزيدون الشر لمن لجأ إليهم للعلاج والتداوي، فهل قبول التطبيب من أمثال هؤلاء لا إشكال فيه؟!!!

 

سابعًا: قد عرفنا كثيرًا من الناس -ممن راجع مستشفيات وأطباء النصارى- وصلوا إلى دركات سيئة من البعد عن الإسلام، والحق، بل إلى الكفر الأكبر، حتى إن امرأة محجبة مرة جاءت أمام المسجد (في مصر) تريد أن تراجع الإسلام بعدما سبَّت الإسلام والمسلمين بسبب أن طبيبًا نصرانيًّا عالج ابنها بعد أن أهمل ذلك بعض الأطباء المسلمين!! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
  • فكيف بالسائل المريض ذي الحالة المادية الصعبة، والظروف الصعبة يذهب إلى مستشفى كفرة كنسيين متعصبين متربصين به وبأمثاله، يظهرون له العطف، والحنان، ويبذلون جهدًا ظاهرًا لمساعدته؛ طلبًا لكفره، أو مقاربة ذلك على الأقل، ثم يستفتي شخصًا، فيجيبه مستنكرًا سؤاله بما يعني: أن ألق بنفسك فريسة سهلة لهم، وأهْلِكْ نفسك عندهم، ولا تكن مباليًا بشيء.
 
فلا حول ولا قوة إلا بالله
نعوذ بالله من الغفلة والجهل والضلال والخذلان
 
وأخيرًا: فالحق أحق أن يتبع، ولا يجوز لأحد أن يقبل خلاف الحق من أي أحد؛ اغترارًا بشهادة، أو منصب، أو عضوية في هيئة؛ لاسيما إذا دخل في هذه الهيئة مبتدعةٌ، ومخالفون لنهج السلف الصالح (بل صار فيها من يحلق لحيته؛ مثل: عبد الوهاب أبو سليمان)، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 
قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ (117)}. [الأنعام].
 
وقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}. [الكهف].
 
وقال تعالى: {زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)}. [فاطر].
 
والحمد لله رب العالمين